تحريك لليسار
عوامل الانتصار في الحرب الناعمة ندوة فكرية محاضرة ندوة فكرية أمسية ثقافية شعرية الحفل السنوي لتخريج طلاب ورواد مركز الإمام الخميني الثقافي كتب حول الإمام سلسلة خطاب الولي متفرقات
سجل الزوار قائمة بريدية بحث
 

 
مواضيع ذات صلة
الإمام علي ع في فكر الخميني قدهعزّة النفس والإحساس بالمسؤوليةالتوجّه الشعبي وحبّ الناسمئة كلمة عرفانيةروح الله الموسوي الخميني لا يوجد أي مقال
 
التصنيفات » مقالات متفرقة
ذكرى رحيل هادي البشرية (ص) والإمام الحسن(ع)
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة  
كلام الإمام الخميني قدس سره في ذكرى رحيل هادي البشرية (ص) والإمام الحسن(ع)

ان تاريخ الاسلام واضح وکلکم تعرفونه وتعلمون بان نبي الاسلام کان من عامة الناس. کان من العامة و حينما بعث ودعا الناس، عارضته قريش نفسها، فقد کان القرشيون انذاک سادة القوم وجبابرتهم واصحاب الثروة، ولم يتمکن (صلى الله عليه وآله وسلم) من التعبير عن رأيه في مکه فلزم غار حراء مدة ولم يتمکن من الخروج، وکأنه مسجون هناک! بعد ذلک هاجر الى المدينة، وفي المدينة اجتمع حوله ابناء الطبقة الثالثة. وحينما اقام مسجده، وهو مسجد بسيط کان عدد کبير من اصحابه ينامون في صفة ذلک المسجد وهي ناحية بسيطة خارج المسجد،  لعدم امتلاکهم منازل خاصة.

إنّ نبي الاسلام کان من العامة وقد خرج من الطبقة الدنيا وقام بحرکته. واصحابه ايضا کانوا من تلک الفئات الدنيا، من الطبقة الثالثة، أما ابناء الطبقات المرفهة فقد کانوا في طليعة المعارضين للرسول الاکرم. لقد انبثق النبي من الطبقات الدنيا وعمل من اجلها، عمل من اجل‏الشعب وجاء بالاحکام من اجلهم.

کان النبي الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأشراف بمعنى من (سادات) ذلک الوقت، وکلمة أشراف لا تعني أنه کان من الأغنياء، بل کان فقيراً. من طبقة الفقراء. وعاش عمره کله فقيراً، الّا انّه انجز کل هذه الأعمال. لقد عارضه أشراف مکة وأغنياؤها وأصحاب القوافل وغيرهم، إلى الحد الذي لم يکن قادراً فيه علي مواجهة الناس، فذهب إلى الغار، وحبس نفسه هناک وتفرغ للعبادة. کما اصطحب معه آخرين، وحينما رأى أنه ليس بوسعه مواجهة قوتهم قرر الهجرة الى المدينة بعد أن بايعه أهلها. وهناک لم يجلس عند أحد من طبقة الأغنياء بل بقي مع الفقراء. ولم يکن مسجد الرسول مثل مساجدکم هذه، کان سقف مسجده المبارک من سعف النخيل، وجدار من طين لئلا تدخل الحيوانات إليه، وفي هذا المسجد تم بناء صرح الإسلام. لقد کان متواضعاً ولم يکن ذا قبة عالية وبناء فاخر، ولکنه في الوقت نفسه کان مرکزاً لانتصار المسلمين على الفرس والروم مع أن ذلک لم يکن بالأمر السهل. کان رسول الإسلام من الطبقة المستضعفة، وفي المدينة لم يکن أصحالبه يملکون بيوتاً، کانوا ينامون في المسجد ويقال عنهم، أصحاب الصفة. وعندما کانوا يتوجهون إلى الحرب کانت مجموعة منهم تملک سيفاً واحداً وأخرى تملک جملًا واحداً، هکذا کان وضعهم‏

انّ الرسول الأکرم کان يعزّ عليه ويغتم للکافرين الذين لم يسلموا ولم يصبحوا مؤمنين. وقد جاء في الآية الکريمة: (لعلک باخع نفسک الّا يکونوا مؤمنين) « سورة الشعراء/ الآية 3». کان الرسول يريد لجميع العالم الوصول إلى النور، فقد بعث لينهي جميع هذا الصخب الموجود في الدنيا، هذا الصخب الذي اوجدوه لأنفسهم، للوصول إلى السلطة، ولکي يقضي على هذا الصخب ويزرع في نفوس الناس بذر الإيمان بالله والتوجه نحو النور.

لقد بلغ اهتمام نبينا الأکرم وتألمه على قومه والضلال الذي هم فيه، حداً خاطبه معه الوحي الإلهي قائلًا: (فلعلک باخع نفسک على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً) «سورة الکهف، الآية 6». فقد کان الهدف أن يجعل هؤلاء أناساً حقيقيين، وکل من کان يهتدي إلى إنسانيته وآدميته کان بمثابة البشارة لنبينا الأکرم وللأنبياء- صلوات الله عليهم أجمعين-.

ان من يقرأ القرآن والقرآن وثيقة الإسلام ومن ينظر في آياته، ومن يطالع وضع مشرع الإسلام الرسول الأکرم وتأريخه وحياته، يرى ان في القرآن آيات عديدة تحث على مواجهة الجبابرة، کما ان سيرة الرسول الأکرم تعکس وقوفه ومواجهته لاولئک الذين ارادوا استغلال الناس واستخدامهم.

کان رسول الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلم رحيماً بالمؤمنين عطوفاً عليهم کما کان للکافرين ايضاً، أي: أنّه کان يألم أن يراهم باقين على کُفرهم الذي يئول بهم إلى جهنم، کان يُشفِق على أولئک، وکان يدعو الله أن ينجيهم، ويرحم أولئک الکافرين وأولئک العصاة، حتى إن الله تبارک وتعالى خاطبهُ في ذلک بقولهِ الحکيم:" فلا تَذهَبْ نفسُک عليهم حسرات" « القرآن الکريم‏» فقد کان يُحزنُه ألا يُؤمن هؤلاء، لماذا لا ينجو هؤلاء؟ لماذا؟ وعندما جاؤوا بعِدّة من الکافرين أسرى مغلولين في معرکة، کما ورد في التاريخ، قال: يجب أنّ نُدخلَ هؤلاء الجنّة بالأغلال، يجب أن يأتي بهم هکذا، ونهديهُم « مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 249». لقد کان نور هداية، ومثلما جاء للمؤمنين بالسلام والوئام کذلک جاء للآخرين ما عدا أولئک الذين کانوا ورماً سرطانياً لابُدَّ أن يزول من المجتمع‏.

إن أول آية نزلت على الرسول الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بحسب الروايات والتواريخ کما ورد هي آية: اقرأ باسم ربک (سورة العلق: الآية 1). فهذه الآية هي أول آية وبناء على ما نقل، قرأها جبرائيل على الرسول الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث دعي فيها منذ البداية إلى القراءة والتعلم.

لا أظن أن هناک إنساناً، لاقى ما لاقاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المشقة والتعب في تلک السنوات الثلاث عشرة التي قضاها في مکة وتلک السنوات العشر التي عاشها في المدينة، حتى أنه يمکن القول بأن المتتبع لحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هاتين الفترتين يجد أن الرسول لم ينعم حتى يوماً واحداً من الراحة طيلة هذه السنوات.
ففي مکة لم يترکه مشرکوها ولا للحظة واحدة، ومارسوا ضده أنواع الضغوط والأذى والمقاطعة الاجتماعية والاقتصادية، ووضعوه تحت المراقبة الشديدة، فلم يغب عن أنظارهم حتى أيام إعتکافه في الغار، وذلک على أمل أن يتراجع عن دعوته، إلا أنه بقي صامداً، صابراً، ولم يزده ذلک إلا إيماناً وثباتاً، وعندما درس معطيات الواقع، وأيقن أن لا جدوى من البقاء في مکة، وأن ذلک لن يصب في صالح الدعوة والرسالة، آثر الهجرة على البقاء، فقد کانت أياماً عصيبة تلک التي قضاها في مکة، لم ينعم فيها حتى بيوم من‏ الراحة ولو تأملنا حياته في المدينة لوجدنا أنه أمضى فيها عشر سنوات من الإنشغال التام بالحروب والغزوات والتأسيس للحکومة الإسلامية الفتية، التي کان جميع ثقل مسؤولياتها على عاتقه وحده، فحياته في المدينة لم تکن أحسن حالا من حياته في مکة من حيث التعب والجهد والمشقة، ولکن الذي هوّن کلّ هذا في عينيه وجعله لا يقيم لکل هذه المشاق وزناً، هو أن الله کان من وراء القصد في کل خطوة خطاها، وکل حرکة قام بها.

إن الرسول الأکرم رغم قيامه بواجباته الشخصية ومناجاة الله تبارک وتعالى في خلواته أسس الحکومة وأرسل رسلًا إلى أنحاء العالم ودعا الناس إلى الدّين وإلى الوحدة. فلم يکن يريد الجلوس في منزله يوماً لذکر الله. کان يذکر الله بهدف تهذيب النفس. کان يدعو الله بهدف تهذيب النفس وتهذيب الناس وتربيتهم، وکان يجهز الناس للمقاومة. إن جميع الأدعية التي رويت عنه- صلى الله عليه وآله- وعن أئمة المسلمين کانت تهدف إلى الدعوة للمعنويات التي تبعث على إصلاح أمور المسلمين‏.

لقد سعى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى إيجاد وحدة الکلمة في کافة أرجاء المعمورة. سعى لانضمام دول العالم أجمع تحت لواء التوحيد. أراد أن يجعل المعمورة تحيا تحت ظلال" کلمة التوحيد" غير أن أغراض السلاطين ورغباتهم من جانب، ورغبات علماء النصارى واليهود وأمثالهم من جانب آخر، حالت دون أن يتسنى للرسول الاکرم صلى الله عليه وآله تحقيق ذلک‏.

إذا أراد المسلمون متابعة سيرة الرسول وتحقيق العزة والعظمة التي کان يتحلى بها الرسول الأکرم وأصحابه وکافة فئات المسلمين في صدر الإسلام، وأن يجعلوا عزة لأنفسهم، فإن تلک السيرة تتلخص بالالتفاف حول الإسلام الذي يمنح أتباعه قدرة وشجاعة ما فوق الطبيعة! فالشي‏ء الذي أدرکه شعبنا مع وجود حالة الضعف والتشتت، هو ذات الشي‏ء الذي أدرکه المسلمون في صدر الإسلام ألا وهو الاعتماد على الإيمان ووحدة الکلمة والصف. لذلک‏ کان شبابنا أثناء الثورة ولحد الآن يطلبون منا الدعاء لهم للفوز بالشهادة. إن هذا التحول الکبير الذي حصل لهذه الشعب بإرادة الله سبحانه وتعالى، هو الذي نصرنا على تلک القوى الشيطانية التي کانت تدعمها وتؤيدها القوى العالمية الکبرى. إن هذا الانتصار کان وليد إرادة الله تعالى وعنايته الخاصة، وکلي أمل أن يبقى شعبنا و جميع الشعوب الإسلامية تتحلى بهذه الخصال وتقتدي بسيرة الرسول وأهل بيته وصحبه الکرام کي يتسنى امتلاک العزة والعظمة التي کان يتمتع بها المسلمون في صدر الإسلام.

إنَّ نبيَّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ ابتداء دعوته وحتي رقاده في فراش الرحيل من هذا العالم إلى لقاء الله، کان في حالة حرب، بل إنَّه حين کان على فراش الموت کان قد عبّأ الناس للحرب. وهکذا المسلمون من بعده وکذلک ما لاقاه أئمتنا وما واجهه أمير المؤمنين (عليه السلام) من بعده. حسناً، إنَّ کل ما لا قوه وعانوه معه کان حلواً في مذاقهم لأنَّه کان کله في سبيل الإسلام‏.

إن البيعة مع النبي هي بيعة مع الله، لماذا؟ لأن کل ما کان عند النبي کان من عند الله، وکل ما کان يراه فهو الله‏.
يجب أن نقتدي بالنبي الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة الهدى (عليهl السلام) الذين کانوا طوال حياتهم إما في حرب مع الکفار أو في السجن لقد سجنوا وعُذّبوا بأيدي الظلمة باسم الإسلام.
فالإسلام العزيز هو شي‏ء ضحى لأجله النبي الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهl السلام). علينا أن نقتدي بهم.

الامام الحسن (عليه السلام) تصدى لمعاوية الذي کان حاکماً في زمنه ـ رغم أن الجميع بايع ذلک التافه وکان يخشى سلطانه ـ إلا أن الامام الحسن (عليه السلام) وقف ضده ما استطاع الى ذلک سبيلاً الى الوقت الذي حالت مجموعة من البسطاء بينه وبين مواصلة دوره في المواجهة، وقَبِلَ في ظل تلک الظروف بالصلح مع معاوية. وخلال فترة الصلح لم يدخر وسعاً في فضحه وتعريته مما يدّعى بل إن ما قام به اظهار خزي وعار معاوية لا يقل عما قام به الامام الحسين (عليه السلام) تجاه يزيد..

الإمام الحسن ـ سلام الله عليه ـ أيضا لم يلقَ من الأخرين مثلى لقى من المتاعب والمشاکل من أصحابه وأتباعه. هؤلاء الأصحاب الذين لم يستطيعوا أن يدرکوا بعقولهم الصغيرة وأفکارهم الخاطئة ماذا کان يريد إمام زمانهم أن يفعل، لذلک فقد کانوا يقفون في وجهه ويؤذونه وهم من تسبب بتراجعه عندما عقدوا المعاهدات والأحلاف مع أعدائه.

قصة الامام الحسن(عليه السلام) شاهد آخر على قضية الصلح، کان صلحه مفروضاً عليه، حيث قام الخونة الذين أحاطوا به بإجباره على الصلح فکان صلحا ً قسرياً.... وبعد إبرام الصلح وحسب ماجاء في الرواية، ارتقى معاوية المنبر وقال:« ألا إنّ کل شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدميّ هاتين لا أفي به» و کذلک کان التحکيم القسريّ الذي فُرضَ علي امير المومنين (عليه السلام)، وکلا الامرَين فرضهما اشخاص محتالون مخادعون.

** صحيفة الإمام.

28-11-2016 | 10-58 د | 1937 قراءة
الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد

أخر تحديث: 2020-01-10
عدد الزيارات: 4608621

Developed by Hadeel.net جمعية مراكز الإمام الخميني (قدس سره) الثقافية في لبنان